مصطفى صبري، فادي حمارنة-
تبني الاردن منذ عام 2013 عدداً من مشاريع الطاقة المتجددة في خطوة نحو تقليل الطاقة التقليدية المستندة من المشتقات النفطية، الذي يصل الى 97% من حجم الطاقة وبحسب تقرير هيئة تنظيم قطاع الطاقة.وتنتج الاردن حوالي 700 ميجاواط من مصادر الطاقة المتجددة ومن المتوقع ان ترتفع الى 2200 ميجاواط بحلول عام 2025 حسب تقارير الهيئة.
وقد لعبت التشريعات التي وضعتها الحكومة الاردنية دوراً مهماً في نمو الطاقة المتجددة حسب خطتها الاستراتيجية، ووزارة الطاقة والثروة المعدنية اطلقت جولة جديدة في نهاية عام 2017 في مشاريع انتاج الطاقة وتخزينها من مصادر الطاقة المتجددة التي تعتبر الاردن الاولى في المنطقة من حيث غزارة توافر الطاقة المتجددة وذلك بالتزامن مع توسعة الشبكة الكهربائية والذي يعرف بإسم ( الخط الأخضر ).
وبالرجوع الى الاستراتيجية التي اطلقتها الحكومة الاردنية لتطوير قطاع الطاقة في الفترة ما بين 2015 و 2025، تثبت الطاقة المتجددة الركيزة الاساسية لتلك الاستراتيجية، وبحسب تقرير هيئة تنظيم الطاقة، يستهلك الاردن حوالي 4500 ميجاواط من القدرة الكهربائية في السنة الواحدة، وسجلت الطاقة المتجددة في عام 2017 ما مقداره 700 ميجاواط في السنة.
يبين الشكل التالي الاستراتيجية الحكومية لتطوير قطاع الطاقة، الرجاء النقر هنا لاستعراض الشكل التفاعلي.
وتم انشاء 12 محطة من الطاقة الشمسية حتى نهاية عام 2018 وثلاثة من طاقة الرياح، وتنقسم الطاقة المتجددة في الاردن الى قسمين رئيسيين وهما الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ومن المستهدف حسب هيئة تنظيم قطاع الطاقة انشاء 29 محطة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى نهاية عام 2025 وتشكل الطاقة الشمسة ما يقارب 7 % من الطاقة و 8 % من طاقة الرياح.
وبحسب مدير التنفيذي لصندوق الطاقة السيد حمزة رسمي الذي يندرج ضمن وزارة الطاقة، ان الصندوق يسير بمسارين متوازيين في مجال الطاقة المتجددة، اولا مسار المشاريع الكبرى والتي تتعلق بالاستثمارات الكبرى لتوليد الكهرباء لتغذية الشبكة الرئيسة وبيعها للشركة الوطنية للكهرباء باسعار تفضيلية تخفف من كهل فاتورة الطاقة عن الحكومة الاردنية، والمسار الثاني الذي يعمل على المشاريع الصغيرة وهو يقوم الصندوق بتنفيذه وهو قطاع شامل ومشاريع شاملة تشمل قطاعات المدارس والصناعة والسياحة بالاضافة للمباني الحكومية، ويكون الحجم الكلي لهذه المشاريع الصغيرة مقارنة مع المشاريع الكبرى لا يقارن لكن ان تم العمل على المشاريع الصغيرة في المحافظات بشكل كلي من خلال المباني الحكومية والمدارس هو استثمار ناجح فبالتالي المشاريع الداخلية في القرى هو حل فني ناجع.
وتبلغ فاتورة الطاقة في الاردن في تقرير لوزارة الطاقة لعام 2018 حوالي 2 مليار دينار اردني في السنة ويقدم الصندوق دعم للمشاريع الخاصة عن طريق تقديم تصاميم جاهزة وتسهيلات بنكية للقطاع الخاص عن طريق تقديم قروض ميسرة للمستفيدين من القطاع الخاص وبنسب فوائد قليلة يتحملها الصندوق في حال ثبوت نجاح هذا الاستثمار.
ويتميز الاردن في موقع جغرافي اتاح للحكومة استثمار حقل الطاقة المتجددة واعتبارها حلاً امثل في تخفيض الفاتورة المرتفعة من ميزانية الحكومة الاردنية، فالاردن يقع في الحزام الشمسي الذي يتيح له 8 ساعات من سطوع للشمس وبسرعة رياح تصل الى 8.5 م لكل ثانية مما يجعلها ملائمة لبناء محطات الطاقة المتجددة.
وتنتج محطة توليد الطاقة من اشعة الشمس في منطقة الازرق 5 ميجاواط وتندرج ضمن استراتيجية الطاقة المتجددة، وتم تنفيذ عدة مشاريع لمحطات للطاقة المتجددة في الاردن مثل محطة شمس معان ومحطة الغويرة ومزرعة رياح الاردن.
ويقول السيد عبدالفتاح الدرادكة مدير عام شركة الكهرباء الوطينة ان مجموع المشاريع التي تم توقيعها حتى نهاية عام 2020 سيبلغ حوالي 2200 ميجاواط من الطاقة ومن المتوقع ان تكون قيمة استهلاك الاردن في نفس السنة حوالي 4200 ميغاواط وهذا يعني ان نسبة الطاقة المتجددة من الطاقة الكلية التي ستنتج في ذلك الحين ستبلغ تقريباً 50 % من حجم الطاقة وتعتبر مزرعة رياح الاردن من الاستثمارات للقطاع الخاص في الاردن، فهي جائت نتيجة ائتلاف لثلاثة شركات عالمية هي صندوق انفريميد الفرنسي وشركة مصدر الاماراتية وشركة اي تي غلوبال القبرصية، حجم المشروع يبلغ 117 ميغاواط مكون من 38 مروحة عملاقة تبيع المزرعة الكهرباء للحكومة باسعار تفضيلية وتبيعها الشركة للمستهلكين بالاسعار المعتمدة من الحكومة وبذلك تنخفض فاتورة الكهرباء عن كاهل الحكومة.
تجربة الجامعة الهاشمية والطاقة الشمسية
وسجلت الجامعة الهاشمية في محافظة الزرقاء نموذجاً ناجحاً في مشاريع الطاقة المتجددة اذ استطاعت الجامعة ان توفر ما قيمته 2.5 مليون دينار في السنة وذلك كلفة فاتورة الكهرباء للجامعة في السنة الواحدة وتنتج الجامعة الهاشمية ما قيمته 5 ميغاواط في السنة وهي تستهلك حوالي 2.5 ميغاواط وتورد للشركة الوطنية 2,5 ميغاواط في السنة وذلك حسب ما يقول السيد ابراهيم العظمات مدير العلاقات العامة في الجامعة.
وبعد كل هذه النتائج والتوقعات الممتازة يأتي قرار الحكومة الأردنية إيقاف منح التراخيص لمشروعات الطاقة المتجددة. فالقرار المفاجئ جاء في وقتٍ وصل فيه قطاع الطاقة المتجددة في الأردن إلى مستويات متقدّمة، واحتل صدارة منتديات الطاقة العالمية كقصة نجاح باهرة. وجاءت هذه الخطوة بعد سنة على قرار مماثل، ألغى الأردن بموجبه معظم التسهيلات الضريبية لتشجيع السيارات الكهربائية والهجينة، بعدما تجاوزت نسبتها أعلى المعدلات العالمية، الأمر الذي جعل من الأردن مثالاً يحتذى بين دول المنطقة في التحوُّل إلى وسائل نقل أنظف.
الحجة الرئيسة التي اعتمدتها الحكومة الأردنية في قرارها هي أن الشبكة الحالية لا تستوعب مزيداً من إمدادات الكهرباء. وهذا يطرح التساؤل المشروع عن سبب الاستمرار في الإنتاج من محطات تعمل بالوقود التقليدي المستورد، من نفط وغاز، بدلاً من الحل المنطقي في تخفيف طاقتها الإنتاجية لتحلّ محلها، تدريجياً، الكهرباء المنتجة من الشمس والرياح. فكأن المقصود حماية محطات الكهرباء التقليدية المكلفة والملوثة، على حساب الطاقة المتجددة الرخيصة والنظيفة.