أجمع خبراء وجيولوجيون على أن عمان تقع تحت تهديد الانهيار نظرا لطبيعتها الجبلية القائمة على تربة جيرية.
وأكدوا ان مناطق شرق عمان تعد الأشد خطورة ويلها منطقتي الرابية والشميساني اللتان اطلق عليهما المناطق الساخنة.
وطالبوا امانة عمان بضرورة وقف منح التراخيص كإجراء أولي والشروع بدراسة جيولوجية للمنطقة كاملة لايجاد حلول اكثر علمية ومنهجية.
وبينت احصاءات الجمعية العلمية الملكية ان عدد الانهيارات في العام 2015 بلغت 261 انهيارا، فيما انتهى العام 2016 مسجلا 272 انهيارا، ووصل عدد الانهيارات خلال الربع الاول من العام الحالي 122 انهيارا.
المشكلة تكمن في غياب المرجعية الرسمية وتنصل اخرى منها، فاسباب الانهيار معلومة وواضحة والحلول موضوعة في حاجة الى من ينبناها.
عمارة الجوفة
وليس أدل على ذلك اكثر من انهيار العمارة السكنية في جبل الجوفة التي ذاع صيتها في الاعلام مؤخرا، فمتضرروا الانهيار يشكون عدم وجود جهة مسؤولة لمراجعتها والمتابعة معها.
أمانة عمان تقول ان دورها يتوقف عند ازالة الانقاض، والتنمية الاجتماعية دورها الايواء لمدة محدودة، ومحافظة العاصمة تتابع عمل اللجان.
مدير دائرة الرقابة والاعمار في الأمانة المهندس رائد حدادين حمل المواطن التقصير بحجة ان ليس لديهم رخص بناء قائلا “ان البناء مخالف لكودات البناء وغير مرخص”.
وأرجع حدادين أسباب الانهيار الى اهتراء شبكة الصرف الصحي، بالاضافة الى ثبوت عمليات حفر وبحث عن دفائن في المنطقة حيث تعود للعهد البيزنطي.
وأشار إلى أن منطقة الجوفة كحالة دراسية غير مطابقة لكودات البناء مطالبا بمنح الامانة صفة الضابطة العدلية لمقاومة البناء العشوائي.
ورفض حدادين الاجابة لدى سؤالنا عن كيفية ايصال التيار الكهربائي والمياه لتلك المنازل والتي من المفترض ان الامانة الجهة المخولة بمنح اذونات الاشغال التي بموجبها يتم توصيل الماء والكهرباء.
ولدى ابراز وثائق تثبت ترخيص الابنية هناك، عزا حدادين الامر الى وجود موظفين فاسدين في الامانة منحوا تلك التراخيص.
وأشار إلى أن العاصمة عمان انفجرت سكانيا ولم تتمدد طبيعيا نظرا لعدد كبير من الهجرات التي تعرضت لها، “بيد ان الأوضاع الراهنة في المنطقة اجبرتنا ان تزيد نسبة العشوائيات عن الحد المسموح به”.
وأوضح ان قاطنوا عمان يحتاجون الى 30 الف شقة سنويا وبالمقابل ان مجموع الامتار التي تم تصميمها من خلال نقابة المقاوليين 14 مليون متر مربع حصة عمان منها زهاء 8 مليون (التوسع السنوي )
المواطن احمد علقم رفض رواية حدادين قولا وتفصيلا، وقال: إن ما يشاع حول مخالفات وتجاوزات في البناء، تسببت بانهيار العمارات في الحي، وتصدع بعضها ووقوع بقية المنطقة تحت خطر الانهيارات، “لا يمكن التيقن منه” في ظل عدم وجود خدمات أساسا، ظلت تعاني منه المنطقة، منذ أن أقدمت مؤسسة التطوير الحضري على تنظيمها، ولم تقدم أي شيء، سوى وضع المنطقة تحت الترخيص، وبيع الأهالي أراضي الحي، بعد ان كانوا يقطنونها أساسا قبل مقدمها، وبعيدا عن التنظيم، لتظل أيضا بعد ذلك، بعيدة عن التنظيم”.
ولفت إلى أن شبكة الصرف الصحي في المنطقة “لم تعد صالحة للعمل، إذ لم تلتفت أمانة عمان الكبرى الى صيانتها منذ إنشائها في ثمانينات القرن الماضي، موضحا ان اهال الحي قدموا شكاوى للأمانة بهذا الخصوص “لكنها لم تستجب لهم”، مبينين أن أسباب الانهيارات تعود في جزء منها الى “تسريبات هذه الشبكة المهترئة، ودخول المياه العادمة إلى أساسات البنايات، ما أدى الى إضعافها، وعدم قدرتها على تحمل الأبنية”.
واكد ان جميع السكان حاصلين على تراحيص للبناء من الامانة لافتا الى انه يدفع دوريا كل ما يترتب عليه من مسقفات او رسوم للامانة كان آخرها قبل شهر من وقوع الحادثة
واشار الى ان “المنطقة بقيت على ما هي عليه منذ الثمانينيات، وما أنشئ فيها من إنشاءات جديدة هي ضمن ملكيات صغيرة، وأنشئت وفق تراخيص رسمية، وحصلت على أذونات بمد الكهرباء والماء، وكلها بموافقة من الأمانة، التي لم تستجب لشكاوى القاطنين، حول مشاكل شبكة التصريف الصحي للمنطقة، وسوء الخدمات المقدمة لقاطنيها”.
وعبر علقم عن مخاوفه في ان تبقى مشكلتهم مفتوحة حيث تم ايوائهم في شقق فندقية بادئ الامر ثم اخرجوهم منها الى شقق سكنية مؤجرة على اعتبار ان هيئة اللاجئين والحكومة النرويجية ستدفعان التكاليف الا ان الامر – وفقا لعلقم – بات اكثر تعقيدا لتنصل الاخيرتين من الدفع.
وعودة الى تعدد المرجعيات وتنصلها يؤكد علقم ان لدى مراجعته وزارة التنمية تقول ان قرار الصرف من وزارة المالية التي تؤكد انه لم يصلها بهذا الشان اي مرسوم وان على المواطينين مراجعة رئاسة الوزراء.
من جانبه طالب نقيب الجيولوجيين الاردنيين الدكتور صخر النسور بعدم منح تراخيص بناء حفاظا على سلامة المواطنيين، والشروع بدراسة المنطقة جيولوجيا ليتسنى وضع الحلول الناجعة.
وقال ان النقابة علقت الجرس ودقت ناقوس الخطر منذ سنين الا ان الأمانة لا تستجيب واصفا الوضع بـ”الخطير والصعب جدا” حسب الكشف الحسي للنقابة.
وكشف النسور ان اي هزة ارضية في عمان ستحولها الى رماد، نظرا للطبيعة الجيولوجية لها ذات الميلان المرتفع في الطبقة الصخرية وطبيعة التكوين الجيولوجي (فورميشن لان ستور) الذي يتشكل من حجر جيري فيه تشققات تخزن الماء الامر الذي يؤدي الى زيادة حجمها وتغيره بفعل طبيعة الجو.
شارع عبدالله غوشة
شارع عبدالله غوشة حادثة نالت نصيب من الاعلام وتعكس حالة اخرى من تعدد المرجعيات وغياب الخطاب الرسمي.
نقيب المهندسين المهندس ماجد الطباع حمل “المسؤولية الكاملة عن انهيار جزء من شارع عبدالله غوشة لأمانة عمان الكبرى”، بينما نفت الأمانة مسؤوليتها عن “الانهيار”، بتأكيدها على أن المالك والمقاول ومهندس المشروع، مسؤولون عن السلامة العامة لمشروعهم.
وقال الطباع إن “المشروع المراد إقامته بجوار الشارع هو مشروع تجاري، ولم تدخل مخططاته إلى نقابة المهندسين للتدقيق والمصادقة عليها حسب الأصول، وكذلك الأمر بالنسبة لتقرير استطلاع الموقع وحيثيات الحفرية لمثل هذه المشاريع”.
الجمعية العلمية الملكية طالبت مرارا وتكرارا عبر الدكتور منير قاقيش مدير ادارة سلامة الابنية بوقف التوسع العمراني في المناطق الساخنة للحد من الخطر والبدء بوضع الحلول الا ان الامانة لم تستجب على حد تعبيرهمز
وقال قاقيش ان الجمعية شكلت لجنة خاصة لسلامة الامنية لرصد المخالفات والانهيارات واسبابها في محاولة لوضع الحلول.
ووفقا لكشوف المسح الحسي للجنة تلخصت اسباب الانهيارات في عمان في سبع محاور هي :
البناء العشوائي، الحفر بجانب ابنية قديمة، البحث عن دفائن، زيادة الاحمال، عدم الالتزام بالتعليمات الهندسية، الحفر الامتصاصية، الحفر الجائر.
“الأمانة لم تستجب” عبارة اتفق جميع الخبراء عليها نقابة المهندسين ونقابة الجيولوجين و الجمعية العلمية الملكية وجميعهم قدموا حلولا للأمانة الا انها لم تجد آذان صاغية، بينما تنفي الاخيرة مسؤوليتها عن الموضوع.