آيات الهواوشة وعالية كنعان
تسعةُ واربعون امرأة عوقبن بـ “جريمة الاجهاض” ما بين الاعوام 2009-2016 بحسب تقرير وزارة العدل الذي أعدته لـ “منظمة سيداو” وحصلنا على نسخة منه، حيث بلغ العدد بحسب السنوات 3 نساء (2009)، 3 نساء (2010)، إمرأتين (2011)، 5 نساء (2012)، 7 نساء (2013)، 12 امرأة (2014)، 11 امرأة (2015)، و 6 نساء (2016).
قانون العقوبات الأردني رقم 16 لعام 1960 وتعديلاته تناول موضوع جريمة الإجهاض في المواد 321-325، وإعتبر أن الإجهاض جريمة معاقب عليها سواء تم الإجهاض من قبل المرأة الحامل نفسها أو أقدم على ذلك شخص آخر غيرها، ولم يتناول القانون أية استثناءات يجوز فيها إجهاض المرأة إلا أن تكون صحة الأم الحامل في خطر ضاربا الجنين وتشوهاته واحتمال وفاته فور ولادته بعرض الحائط، ومغفلا الحمل الناتج من الاغتصاب أو زنا السفاح (المحارم) وقضايا أخرى.
ويتذرع رجال القانون لعدم ضرورة وجود استثاءات لعقوبة الاجهاض بوجود المادة (324) ونصها “تستفيد من عذر مخفف ، المرأة التي تجهض نفسها محافظة على شرفها ويستفيد كذلك من العذر نفسه من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادتين (322 و 323 ) للمحافظة على شرف إحدى فروعه او قريباته حتى الدرجة الثالثة.”
لكن تعريف الصحة حسب قانون الصحة العامة العالمي يشترط صحة الام الجسدية والنفسية، لتتساءل الأخصائية في الطب الشرعي الدكتورة اسراء الطوالبة “كيف ستحمل الأم طفلا مشوها لتسعة شهور ليموت فور ولادته ! أليس من الأذى النفسي أن تتعلق الام بطفل مصيره الموت المحتم ؟! ثم كيف ستتقبل طفلا والده أخوها أو أبوها .!!”
لكن قانون العقوبات الأردني يعاقبها مرتين كما علّقت المحامية أسمى خضر رئيسة معهد “تضامن” بأن قانون العقوبات يعاقب الفتاة التي تعرضت للاغتصاب مرتين، مرة باغتصابها ومرة باجهها لطفل مجهول النسب أو والده أحد محارمها.”
وفي سؤالنا لدائرة الإفتاء الشرعية حول حكم الإجهاض كانت الإجابة بأن “كل حالة تعامل معاملة خاصة”. وأكد مستغرباً أن “دائرة الإفتاء لم تستقبل أي سؤال حول حمل ناتج عن اغتصاب أو زنا المحارم” بحسب المفتي الدكتور احمد الحراسيس.
حيث قرر مجلس الإفتاء في القرار رقم (204) (14/2014) اعتبار الحمل الناتج عن هذه الجريمة سببا في تعظيم أذاها واثارة الفتنة والعداوة في المجتمع. ورأى المجلس ضرورة الاطلاع على ظروف الحمل وما يؤثر في الحكم الشرعي لتنظر كل حالة على حدة”.
بعد محاولات عدة لمعرفة رأي المركز الوطني للطب الشرعي استطعنا مؤخرا مقابلة الدكتورة الاخصائية في الطب الشرعي اسراء طوالبة التي تعتبر الإجهاض حق الأم المطلق بغض النظر عن الأسباب قائلة “انا مع الاجهاض، الام لما ما بدها الجنين ما بدها اياه”، مؤكدة ان الإجهاض اذا تم بطريقة طبية قانونية فليس له اي اضرار سلبية على صحة الام. فاحتمالية حدوث المضاعفات تعتمد على كيفية حدوث الاجهاض، لان تجريم الاجهاض يتسبب بلجوء النساء لعيادات غير قانونية وهذا ما يتسبب بالضرر.
فقد يتسبب الاجهاض غير القانوني بصدمة عصبية او تسمم او نزف يؤدي كل ذلك للوفاة، أو قد يتبقى اجزاء من الجنين داخل رحم الام تتسبب لها بالتسمم.
واقترحت طوالبة في حال تم الإبقاء على قانون عقوبة الإجهاض أن يتم تعديل القانون الذي لا يسمح للأم باحتضان الطفل مجهول النسب، إلى إعطائه حق الاسم والعيش مع والدته لا أن ينتهي به المطاف إلى الشارع بعد أن تلقي به مؤسسات رعاية الطفل بعد بلوغه الثامنة عشر.
محاولات فردية عشوائية تجري اليوم لإجبار المشرع على إيجاد استثناءات فيما يخص عقوبة الإجهاض المتعلقة بتشوهات الجنين، والحمل الناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم.
وفي سؤالنا لمن اخترنا من ممثلين للأطراف المعنية؛ الشرعي والطبي والقانوني، كانت الردود متفاوتة بين مؤيد ومعارض وبين من يلقي اللوم على أصحاب القرار أو على الجهات الشرعية.
فمن الناحية القانونية ابدى المحامي الضمور استعداده للحوار والنقاش لكنه استبعد وبشدة ان يطالب يوما ما بإلغاء عقوبة الاجهاض مؤكدا انه ليس مع هذا التوجه اطلاقا، “لان الغاء عقوبة الاجهاض قد يدخلنا في متاهات وقد ندخل في امور اوسع وشمول بعض الجرائم في الاباحة”.
وأضاف “انا لا أؤيد ايجاد نص قانوني يبيح الاجهاض ولكنني مع النص القانوني الذي يعطي العذر المخفف كما نصت عليه المادة 324 من قانون العقوبات الاردني”.
في حين ابدى المفتي الحراسيس استعداد دائرة الافتاء للنقاش والحوار مؤكدا ان مجلس الافتاء مع كل ما يصب في الصالح العام، مشيرا الى ان دائرة الافتاء شاركت في العديد من الملتقيات والندوات المتعلقة بهذا الشأن، مؤكدا ان رجل الدين اليوم لا يمكنه اصدار فتوى بمنأى عن تقرير الطب الشرعي والقانون.
يكاد يكون معهد “تضامن” الجهة الوحيدة من مؤسسات المجتمع المدني التي طالبت وسعت لتعديل قانون عقوبة الاجهاض لايجاد استثناءات تبيج اجهاض الجنين المشوه، والحمل الناتج عن الاغتصاب وزنا السفاح.
كما طالب “تضامن” باجراء تعديلات على النص الأصلي بوضع خط تحتها”:
أ . يحظر على اي طبيب وصف اي شيء بقصد اجهاض امرأة حامل او اجراء عمليه اجهاض لها الا اذا كانت عملية الاجهاض ضرورية لحمايتها من خطر يهدد صحتها أو يعرضها للموت أو كانت عملية إجهاض لحمل ناشئ عن جريمة إعتداء جنسي وقع على الحامل وعلى ان يتم ذلك في مستشفى شريطة توافر ما يلي :
1. موافقة خطية مسبقة من الحامل باجراء العملية وفي حالة عدم مقدرتها على الكتابة او عجزها عن النطق تؤخذ هذه الموافقة من زوجها او ولي امرها .
2. شهادة من طبيبين مرخصين ومن ذوي الاختصاص والخبرة أو من إدارة الطب الشرعي تؤكد وجوب اجراء العملية للمحافظة على حياة الحامل او صحتها البدنية أو النفسية أو سمعتها.
3. تضمين قيود المستشفى اسم الحامل وتاريخ اجراء العملية ونوعها والاحتفاظ بالموافقة الخطية وبالشهادة الطبية لمدة عشر سنوات على ان تزود الحامل بشهادة مصدقة من مدير المستشفى باجراء هذه العملية لها وتعامل هذه القيود بسرية تامة.
ب. على الرغم مما ورد في قانون العقوبات ، لا تلاحق الحامل والشخص او الاشخاص الذين اجروا او اشتركوا في اجراء عملية الاجهاض لها وفقا لاحكام الفقرة (أ) من هذه المادة بتهمة اقتراف جريمة الاجهاض.
لكن تبقى هذه المطالب والاقتراحات فردية غير منظمة، رغم اقتناع اغلب الاطراف بها، فمن سيقود زمام المبادرة؟!