نزار الصرايرة وعلي المستريحي
ثمانية أصناف لمنتجات زراعية اردنية، دقت ناقوس الخطر، وتسببت بأزمة عرفت باسم “حظر استيراد الخضروات الاردنية”، هذا وبعد ان اخفقت هذه المنتجات مؤخرا في الاختبارات المخبرية الخليجية، لتكشف عن وجود آثار لبقايا مبيدات حشرية، بمستويات اعلى من الحد المسموح بها، مخالفة بذلك المواصفات والمعايير المعنية بسلامة المستهلك الخليجي ومهددة بخسارة سنوية مقدارها 85 مليون دينار.
خمسة أيام تفصلنا عن بدء تنفيذ قرار حظر استيراد هذه المنتجات، من قبل دول التعاون الخليجي، بدأتها دولة الامارات العربية المتحدة، ولحقت بها كل من قطر والمملكة العربية السعودية والكويت ولوحت بها البحرين وألمحت بها سلطنة عمان، لتتهاوى سمعة المنتج الزراعي الاردني، بسرعة اكبر من سرعة تلك الشاحنات المحملة بالخضروات والعائدة مع قرار وقف وحظر الاستيراد.
الإمارات تتخطى الصمت وتعلن قرار الحظر
في الرابع والعشرين من ابريل الماضي أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة الاماراتية عبر موقعها الرسمي، قرارا بحظر استيراد بعض انواع الخضروات والفواكة، من اربعة دول عربية هي، مصر وسلطنة عمان والاردن ولبنان بسبب ارتفاع مستويات متبقيات المبيدات أعلى من الحد المسموح به وفقًا للمعايير المعتمدة لدى دولة الإمارات.
وعلى الرغم من العلاقات القوية المتينة التي تربط عمان بأبو ظبي الا ان هذا لم يمنع الامارات العربية المتحدة من التساهل في الأخذ بملاحظات فنية ومهنية تقدمت بها لجنة معنية في مجلس التعاون الخليجي عام 2014 بعنوان “متبقيات المبيدات” في صادرات الزراعة.
عدوى قرار وقف استيراد المنتج الزراعي الاردني
لم يتوقف قرار حظر الاستيراد لبعض المنتجات الزراعية الاردنية عند الامارات فحسب بل اعلنت قطر حجز جميع الشاحنات المحملة بالمنتجات الزراعية الاردنية لحين فحصها وظهور نتائج الفحص، فيما شددت دولة الكويت، الرقابة على المحاصيل الزراعية، القادمة من الأردن، بعد قرارات مماثلة من الإمارات وقطر تلاها قرار لوزير الزراعة الكويتي باتلاف ارسالية الخضار (زهرة وملفوف) التي تم تصديرها مؤخرا الى الكويت ولم تكن ضمن المواصفات.
خارطة توضح صادرات الاردن السنوية من المحاصيل الزراعية الى دول الخليج العربي
المزارعون يحملون الحكومة المسؤولية الكاملة
مهندسون زراعيون اعتبرو ان هذا الحظر لا يتماشى مع الاتفاقية الدولية للتجارة الحرة، ونظرو الى هذا القرار بمثابة ضربة للقطاع الزراعي الاردني.
فيما حمل عضو اتحاد مزارعي وادي الاردن سالم الشوبكي وزارة الزراعة المسؤولية الكاملة عن تردي حال القطاع الزراعي، مطالبين الحكومة بضرورة الاسراع بانشاء مختبر حديث لفحص درجة السمية في وادي الاردن وتوفير العمالة.
اما المزارعون فطالبو الحكومة بتحمل نتائج تفاقم المشكلة والضرر الذي لحق بسمعة المنتج الأردني،؛ لعدم مبادرتها منذ سنتين بحل أزمة متبقيات المبيدات، وتحديد كمياتها للمزارعي ومنع المخالف منها من دخول الاسواق الاردنية .
واشار المزارع عماد ابو سمرة أن المزارع الاردني سيتأثر في حال نفذت الامارات قرار الحظر واصفا اياها بالكارثة، وهذا ما اكده المزارع ابو فادي الشوابكة مضيفا بأن السوق الخليجي مهم جدا للمزارعين الاردنيين ، وحظره لاستيراد المنتج الاردني سيتسبب بنهاية عملهم بحسب ما ذكر.
اللمسة السحرية فاقمت ازمة وقف استيراد المنتجات الاردنية
كان للمزارع حسين النواصرة رأي اخر حول وجود اثار المتبقيات على بعض المنتجات الزراعية، موضحا ان الأمر ببساطة يتعلق بوجود عدد لا بأس به من المزراعين الباكستانيين الذين يعتمد عليهم في زراعة الاراضي في منطقة وادي الاردن خصوصا في ظل التعقيدات التي يواجهها الوافد المصري العامل في القطاع الزراعي ضمن قيود.
مضيفا ان هؤلاء الباكستانيين لديهم تقليد مألوف في طقوس الزراعة الباكستانية يتمثل باستخدامهم لكف اسفنجي مغطس بمبيد حشري يحتوي على مادة chlorfenapyr لمسح حبة الثمار أثناء تغليفها اضافة لمعة على الغلاف الخارجي لحبة الثمار وخصوصا ذات اللون الاحمر والاخضر منها.
مساهمة الصحافة والاعلام في تأزيم قضية حظر الاستيراد
تسابقت وسائل إعلام محلية لنشر أخبار تناولت الحظر وردود الفعل عليه، وسط نفي رسمي أردني بتبلغ القرار وصمت رسمي إماراتي، وكانت صحيفة الغد أول من نشر خبراً عن وقف استيراد الأصناف الثمانية واشتراط شهادة الخلو من متبقيات المبيدات.
وتابعت بعد ذلك مواقع إخبارية محلية بل إن مواقع عربية تابعت القرار وخرجت بعناوين مثيرة مثل “الإمارات توجه ضربة اقتصادية للأردن“، و في طعنة قاتلة .. الإمارات توقف استيراد الفواكه من الأردن.
وعلى الرغم من اقتصار الحظر على ثمانية أصناف فقط، وجميعها خضراوات، فإن الغد وأغلب المواقع التي تابعت الخبر، أصرت على الجمع بين الخضار والفواكه في عناوينها ومقدماتها، ودون التطرق أحياناً إلى أن القرار شمل دولاً أخرى، كما أن معظم الأخبار جزمت بأن قرار وقف الاستيراد نهائي، وهو ما فنده الدكتور حدادين قائلاً إن الوزارة تبذل جهوداً لرفع الحظر عن الأصناف الثمانية قبل 15 أيار (مايو) الحالي.
اما عبر مواقع التواصل الاجتماعي فتداول ناشطون مقطع فيديو لاحد مواطني الخليج خلال فحصه لبعض المنتجات الزراعية الاردنية بواسطة جهاز فحص محمول أظهر ارتفاع نسبةالمتبقيات، ليشهد هذا المقطع رواجا وتداولا كبيرا بين مشاهديه، تلاه مقطع اخر لشاجنة معادة من الكويت بسبب عدم مطابقتها للمعايير قام مالكها باتلافها على الملأ، ما استدعى رد الناطق الاعلامي لوزارة الزراعة الدكتور نمر حدادين نافيا وجود جهاز فحص سريع او محمول لفحص متبقيات المبيدات الزراعية، لكون فحص متبقيات المبيدات عملية حساسة ويلزمها تعامل خاص مع العينة المراد فحصها.
واشار حدادين الى ان الخطوة الاولى في عمليات الفحص هي الاستخلاص والحقن بجهاز الفحص، منوها الى ان العينة الواحدة تستغرق حوالي 45 دقيقة تحضيرا و15 دقيقة للفحص و 5 دقائق لقراءة النتائج.
حماية سمعة القطاع الزراعي المحلي مسؤولية مشتركة
قال رئيس مجلس النقباء نقيب المهندسين الزراعيين محمود أبو غنيمة إن “الحفاظ على سمعة القطاع الزراعي الأردني داخليا وخارجيا هي مسؤوليتنا جميعا، ونحن جميعا مطالبون بتعظيم الإيجابيات الكثيرة لهذا القطاع والعمل بشراكة الجميع لحل أي اشكاليات تواجهه”.
رد الحكومة الاردنية على قرار وقف الاستيراد
في بداية الامر لم تكف الحكومة الاردنية عن المراوغة ومحاولة انكار وجود اثار لمتبقيات المبيدات على بعض الاصناف والمنتجات الزراعية، لتعلن من خلال أذرعها الإعلامية عن سلامة المنتج الاردني مشيرة الى ان عدد المخالفات المرتكبة من قبل بعض المزارعين محدودة ولا تعيب المنتجات الزراعية الاردنية.
ومؤخرا اعترفت الحكومة بوجود قصور يتمثل بعدم الالتزام بفترات الامان الموصى بها عند رش المبيدات، كما اشارت الى عدم توفر جهاز فحص مخبري حديث كما في دولة الامارات، وزادت على ذلك باقرار جملة من الاجراءات للنهوض بالقطاع الزراعي وتنفيذ التوصيات المعنية بمطابقة المنتجات الزراعية للمواصفات والمعايير الخليجية.
لتعرف أكثر عن الاجراءات شاهد الفيديو التوضيحي (المصدر نشرة رئاسة الوزراء – مونتاج علي المستريحي)
إسرائيل في حالة ترقب
حذر مزارعون أردنيون، من استغلال إسرائيل، لأزمة الخضار الأردني، وقالوا إن إسرائيل تستورد كميات كبيرة من الخضار الأردنية، شهريا، وتعيد تغليفها وتصديرها إلى دول أخرى.
وأوضحوا ، أن إسرائيل، قد تزيد صادراتها من الفلفل الحلو والكوسا الأردنية، التي كانت حظرتها الإمارات؛ بهدف إعادة تصديرها على أنها إسرائيلية.
هذا ويذكر ان الاردن يصدر منتجاته الزراعية الى 40 بلد عربي واجنبي، وصولا الى اوروبا الشرقية وروسيا، ويبلغ حجم صادراته من الخضار والفواكة ما يقرب على 800 الف طن سنويا، يذهب 92% منها الى الاسواق العربية وتنحصر هذه الصادرات الزراعية في 63 منتج من الخضار و37 منتج من الفاكهة بحسب تقرير الصادرات الزراعية الاردنية السنوي لعام 2016. اعرف اكثر …