مصطفى صبري
في شهر ايار من عام 2018 بعدما اقترحت حكومة هاني الملقي التي امتدت منذ 29 أيار 2016 وحتى 4 حزيران 2018 مشروع معدل لقانون ضريبة الدخل. وكان واضحاً ان مواد القانون ستمس معظم فئات المجتمع من تجار وصناعيين ومتقاعدين وحتى الشباب الذين توحدت نظرتهم تجاه العمل السياسي وتوجهوا للشارع، وهكذا وجدت الحكومة نفسها في مواجهة مباشرة مع جموع كبيرة من المتضررين من الفقراء وشرائح الطبقة الوسطى، الأمر الذي دعا النقابات المهنية المتمثل في مجلسه الذي يضم رؤساء المجالس المنتخبة ل 15 نقابة مهنية إلى اضراب عام بتاريخ 30/5/2018 وتمت الإستجابة الشعبية للإضراب وبالأخص الشبابية منها بنسبة عالية فاجأت الجميع دون استثناء وترافق مع الإضراب احتجاجات ميدانية امام فروع مجمعات النقابات المهنية والمحافظات الأخرى.
اضراب النقابات مهد الطريق لتظاهرات مسائية حاشدة في محيط الدوار الرابع ” أصبح رمز للإحتجاج على السياسات الحكومية ” واخرى عمت المحافظات الأردنية على مدار الاسبوع مع مشاركة مميزة من الشباب وقيادتهم للحراك وتعبيرهم السلمي والحضاري عن مطالب القوى الديموقراطية والفئات الشعبية المتضررة من القانون وتصميمهم على نيل ما خرجوا وتظاهروا من اجله، هذا الضغط الشبابي والإصرار على الغاء القانون جعل حكومة الملقي تقدم استقالتها يوم 4/6/2018 وتم تكليف الدكتور عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة وهو شخصية غير تقليدية ووزير التربية في حكومة الملقي، والمتوافق عليه شعبياً وسياسياً، وكان اول ما قام به سحب مشروع قانون ضريبة الدخل في اشارة ذات دلالة على ان صوت الشباب مسموع واستطاع أن يؤثر في عملية صنع القرار.
المهندس اسيد العيطان وهو ناشط نقابي مستقل قال ان الشباب هم السبب الرئيسي لإطلاق هبة 30 ايار استطاعوا من خلالها ان يقوموا بعمل نقلة نوعية في طريقة إيصال الصوت الذي ادى الى استقالة الحكومة، ويقول ان سبب مشاركته في الاضراب هو حقه ولكن في مرحلة من مراحل الحراك تم تغييب الشباب وتجاهل صوتهم الأمر الذي دعا الشباب الى نظرة عدم ثقة سواء بالاحزاب الاردنية الحالية التي غابت عن المشهد وعن النقابات المهنية التي اكتفت بالتنظير والوعود.
تقول المهندسة مرام المجالي وهي ناشطة نقابية ومشاركة في الحراك الاردني منذ اعتصام 30 ايار 2018 بعد تجربتها الشبابية السياسية في حراك اذار انها تفضل العمل السياسي منفردة بحيث تكون صاحبة قرار لوحدها خير من الانضمام الى مجموعة تدعي العمل من اجل الصالح العام والشأن العام، ولكنهم لا يقومون بعمل أي تغيير أو فرض وقائع تؤدي الى التغيير وإلا كنت سترى كما قالت أن اغلب الشباب الأردني منتسب إلى الاحزاب.
حرص ملكي على تمكين الشباب سياسياً
تعتبر مشاركة الشباب بالحياة السياسية والحزبية أحد اهم مطالب الملك عبدالله الثاني، إذ حرص الملك دائماً في خطاباته على دعم الشباب ودعوتهم للإنخراط في العمل الحزبي والسياسي
ليتمكنوا من التفاعل معه بطريقة ايجابية تخدم الصالح العام وتدمجهم بالمجتمع بطريقة سليمة وايجابية، ولتعزيز أهمية الحياة السياسية في المشوار الاصلاحي في المملكة، أصدر الملك عبدالله الثاني أوراق نقاشية سعت إلى تحفيز حوار وطني حول مسيرة الإصلاح وعملية التحول الديموقراطي التي يمر بها الأردن، بهدف بناء التوافق، وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وإدامة الزخم البناء حول عملية الإصلاح وكانت الورقة النقاشية الرابعة تناقش التمكين الديموقراطي والمواطنة الفاعلة من خلال تعزيز المجتمع المدني ودوره في مراقبة الأداء السياسي وتطويره نحو الأفضل، عبر ترسيخ الثقافة الديمقراطية في المجتمع. أما المشاركة السياسية فلا تكون ذات أثر إيجابي، إلا حين يؤمن كل فرد منا بـ “المواطنة الفاعلة”، التي ترتكز على ثلاثة أسس رئيسة وهي: حق المشاركة، وواجب المشاركة، ومسؤولية المشاركة الملتزمة بالسلمية والاحترام المتبادل، معززة بالمبادئ التالية: أولاً: إن الانخراط في الحياة السياسية يشكل حقاً أساسيا لكل مواطن. ثانياً: إن المشاركة السياسية في جوهرها تشكل مسؤولية وواجباً. ثالثاً: إن المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية ترتب مسؤوليات على كل فرد منّا فيما يتعلق بكيفية الانخراط في العمل السياسي، ونستعرض جزءً من خطابات الملك في أكثر من مناسبة حرص فيها الملك على دعم وتشجيع الشباب في المشاركة الفعالة في الحياة الحزبية والسياسية
ومع كل الحرص الملكي بالإهتمام بالشباب ودعمه لهم الا أن الشباب لازال يؤمن بفكرة أن العمل السياسي والحزبي سيجلب له المشاكل وأن الإنتماء للأحزاب في الاردن ما هو إلا بوابة متاعب.
ما هي اسباب عزوف الشباب عن العمل السياسي والحزبي ؟
لخصت دراسة أجراها مركز عالم الآراء لاستطلاعات الرأي في الاردن تقرير استعرض فيه نتائج استطلاع الراي ا حول توجهات الشباب الاردني تجاه المشاركة السياسية والعمل الحزبي الى عدة أسباب كان اهمها وأبرزها، أولاً عدم ثقة الشباب في الأحزاب الحالية وعدم فعالية برامجها وبإعتبارهم مجرد ارقام فقط لغايات العدد، ثانياً الخوف على المستقبل الوظيفي والمكرمات الجامعية، وثالثاً وأخيراً المخاوف الأمنية.
نور الإمام المحامية والناشطة الحقوقية، ومحامية الدفاع لآخر حالات توقيف، تقول إن من الامور المهمة التي تؤدي الى عزوف الشباب عن العمل السياسي هي مسألة التوقيف وخصوصاً التوقيف ما قبل المحاكمة، التوقيف الذي جاء و نظم بموجب قانون يسمى المحاكمات الجزائية لاسباب معينة، ويكون هذا الشخص مجهول مكان الاقامة أو ممكن ان يشكل خطر في المحيط الذي يكون به، فبالتالي يوجد محددات للتوقيف ومع الاسف اصبحنا نرى ان التوقيف اصبح جزء من العقوبة. أما مسالة تحويل النشطاء الى امن الدولة هي مسألة اصبحنا نشهدها منذ الحراك الاردني في عام 2011، فأغلب الحراكيين ومن يشاركون في العمل السياسي أو من اتبعوا نهج له علاقة في النقد من خلال التواصل الاجتماعي او غيرها، تم توجيه تهم لهم ضمن الفصل الخاص في منع الارهاب وبناء على ذلك تكون مراحل عملية الايقاف بداية من القاء القبض عليهم من قبل الامن الوقائي وهو جزء من الضابطة العدلية وإن أردنا التعمق في القانون نستطيع القول ان عملية القبض غير قانونية بسبب إقتيادهم بشكل مخالف لما يجب أن يكون في القانون، ففي القانون يجب أن يعلم المتهم سبب القبض عليه، وبسبب ذلك جاء القانون في المادتين 99 و 100 اصول المحاكمات الجزائية ( انه من حق الشخص الذي يتم القبض عليه ان تكون هناك مذكرة توضيحية واضحة جداً تبين فيها اسباب القبض ) إلا ان هذا الامر لا يتم. في أغلب الحالات. وتكون المرحلة الثانية التحويل الى محكمة امن الدولة، مع العلم ان الشباب شاركوا في مظاهرة سببها وعنوانها موقع اجماع من الشعب والحكومة الاردنية وبالتالي هؤلاء الشباب كانوا ضمن مسيرة مسموحة ودعت لها القوى السياسية الحزبية وبالتالي كان هناك شكل من اشكال الحماية المفترضة والمرحلة الثالثة والاخيرة تنفيذ الحكم الصادر والمباشرة بتطبيقه.
وتقول اننا ضمن الخطاب بالعادة نتحدث اموراً مجازية ونربط احياناً حالة معينة يمكن من الشخص باندفاعه العاطفي والوطني ان يربطها بشخص او دولة، فهؤلاء الشباب كانوا متحمسين ومنتمين للفكرة العامة التي بسببها شاركوا في المسيرة على خلفية حبهم وانتمائهم لوطنهم وهتفوا بهتاف الذي وجهت لهم التهمة على اساسه بالاستناد الى احكام المادة 3 / ب من قانون منع الارهاب وهو جزء من تعريف العمل الارهابي بأن الاعمال التي قاموا بها من شأنها ان تسيئ الى علاقة الاردن بدولة اجنبية او شقسقة وتكون عقوبتها من 3 الى 5 سنوات وبالتالي هذا الامر من دوره ان يدب الرعب في قلب اي شاب فكر في يوم من الايام المشاركة في مسيرة ان يمتنع عن المشاركة بها والتي تعتبر حالة من حالات العمل السياسي الطبيعي وهذا الامر سيؤدي الى طبيعة الحال الى العزوف عن العمل السياسي.
وتضيف الإمام إن الامر اصبح خطير جداً خصوصاً اننا في دولة مؤسسات وأن التعديل الذي تم على الدستور الاردني عام 2011 حدد بشكل صريح ماهية الجرائم التي تختص فيها محكمة امن الدولة، ولكن مع الأسف اصبح هناك توسع عند التطبيق واصبح من الممكن توجيه تهم لاي شخص ضمن الفصل الخاص بقانون العقوبات والجرائم التي تمس امن الدولة او جرائم الارهاب في قانون الارهاب وتكون من اختصاص امن الدولة. وبالدستور الاردني لا يجوز محاكمة المدني امام محكمة خاصة وامام قضاء خاص وبما ان محكمة امن الدولة هي محكمة خاصة وليست القاضي الطبيعي لاي شخص فبالتالي اصبحت تشكل حد ومعيق للحريات.
ثابت عساف ناشط حزبي سياسي يقول أنه اعتقل لأكثر من مرة وذلك على خلفياته السياسية، وكانت آخر مرة اوقف فيها ثابت بسبب نشره منشورات على وسائل التواصل الإجتماعي وتم اتهامه بالتحريض على تقويض نظام الحكم. وكان عساف قد أمضى مدة الحكم قبل البت بالحكم الموجه اليه، بعد تعديل التهمة الموجه اليه الى اطالة اللسان.
وأوقف همام قفيشة هو وزملاؤه أيمن البحراوي وضياء الشلبي، وهم طلاب جامعيين في كلية الصحافة والإعلام جامعة الزرقاء الخاصة، على خلفية توزيعهم منشورات داخل الكلية، وقد حوكموا بالسجن لمدة ثلاثة أشهر بتهمة عمل غير مشروع من هدفه تخريب علاقات مع دولة شقيقة.
من المشاكل الرئيسية لعزوف الشباب هي عجز الاحزاب عن جذبهم
يقول علي الشولي ناشط ومحلل سياسي، إن عزوف الشباب عن العمل الحزبي والسياسي سببه الرئيسه هو عجز المسيسين والحزبيين التي تزيد أعمارهم عن 50 عام يجذب الشباب للإنضمام للأحزاب والمشاركة السياسية الفاعلة، لذلك يشعر وكأن الحزبيين لا زالوا في فترة الحرب الباردة وأن العالم فقط يقسم الى قطبين وهو جل اهتمامهم، وتناسوا الاهتمام بامور البلد الرئيسية التي بوجهة نظرهم امور صغيرة لكنها هي جوهر القضية، فالاهتمام بشروط الحياة اليومية وتحقيقها هي جوهر القضية وهي البوابة لجذب ومشاركة الشباب الاردني في العمل السياسي وبالتالي التأثير على صانعي القرار في الوقت الحالي وتهيأتهم للمشاركة في صناعته في المستقبل.
ويقول الشولي أنه من الخطأ ومن غير المنطق تواجد 49 حزب أردني مرخص في الأردن من دون أي مساهمة في صناعة القرار أو حتى الوقوف مع هموم ومطالب المواطنين، فبالتالي الأحزاب التي لا تعكس حالة مطلبية مجتمعية لا داعي لوجودها. ويحمل الشولي مسؤولية الموقوفين والمعتقلين السياسيين على الأحزاب الأردنية بأن المنتسبين للأحزاب ليس مطلوب منهم حالياً الدعوة ( إن وجدت ) الى عمل سياسي يدعو الى اعتقالهم والتخلي عنهم في حالة الإعتقال، فرسالة السياسة ليست زج الشباب في السجون بل رسالة الاحزاب يجب ان تكون تتوافق مع مطالب الجماهير وتحقيقه في نهاية الأمر، ويضيف ان الأحزاب الأردنية في الوقت الحالي لا تستفيد من الشباب سوى بالتسجيل الصوري في سجلاتها لغايات الترخيص ومنح الرخص للأحزاب، وان المشاركة الفعالة الحقيقية للشباب على الشارع هي اخر اهتمامات أغلب احزاب الأردن.
وتستغرب عبلة ابو علبة امين عام حزب حشد من الاصوات التي تحمل الأحزاب مسؤولية عزوف الشباب عن العمل السياسي بسبب أن الاحزاب السياسية في الأردن ليست احزاب حاكمة وبالتال لا تشارك في الحكم، وكونها لا تشارك في الحكم تكون بلا حيلة حتى أنها لا تستطيع أن تمنع حتى هذه اللحظة هذا المنع للشباب من الانخراط بالعمل السياسي المقر رسمياً .
وتقول ابو علبة، إن التطورات السياسية والتحولات الهائلة التي تجري في الأردن والعالم العربي كله تستدعي مشاركة الشباب في الحياة السياسية من حيث إطلاعهم على الحقائق ومن حيث دفعهم ليكونوا جزءاً من عملية التغيير ومن حيث افهام الشباب حقوقهم وواجباتهم وقد أثبت الشباب قدرته على التغيير وكان ذلك في اعتصام وحراك 30 ايار 2018
وتضيف بأن العزوف يأتي بسبب قصور المؤسسات الحكومية في تشجيع الشباب على الانخراط في الحياة السياسية الحزبية بل على العكس يدفعوهم للنفور والهرب من الأحزاب، والدليل على ذلك ايضاً كما تقول ابو علية اضطرار الطلاب المبتعثين على التوقيع على استمارة يكون بها نص يمنع بموجبها العمل الحزبي مع ان الاحزاب نفسها مشروعة، اي كأن الحكومة تريد توجيه رسالة الى سلبية الى الشباب اتجاه انخراطهم في الأحزاب وهذا بحد ذاته مخالف للدستور.
الحرمان من الوظائف والعقوبات الجامعية سبب مهم للعزوف السياسي
يقول محمود مخلوف وهو عضو حزب الوحدة الشعبية انه يتعرض للتهديد بين فترة وأخرى تهديدات بالفصل من العمل وهو مدرس في مدرسة حكومية، وبالطبع السبب على حسب رأي محمود هو انتمائه لحزب الوحدة الشعبية ومشاركته في أغلب الحراكات والمظاهرات الوطنية. أما بالنسبة لحراك 30 ايار يقول محمود انه حراك قام على هبة شباب الاردن وشباب الاحزاب القومية واليسارية بشكل خاص وهو مؤمن تماماً ان الاوضاع لن تتغير في البلد ولن تتطور الا عن طريق مشاركة الشباب في صناعة القرار.
وشارك أيوب ناصر ( اسم مستعار ) لأول مرة بعمل سياسي في 30 ايار 2018 في مجمع النقابات المهنية ومن ثم انتقل الى الدوار الرابع ومن ثم أصبح يشارك في أغلب الاحتجاجات والمظاهرات التي أصبح يعتبرها مساحة أمان وحرية، حتى تم استدعائه من قبل الامن الوقائي من اجل التحقيق معه على خلفية المشاركة في الاحتجاجات عند السفارة الامريكية رفضاً لقرار نقل سفارة الولايات المتحدة من ” تل ابيب ” الى القدس، وتكررت الطلبات بحقه مع كل مظاهرة تنظم من الاحزاب والحراك، الأمر الذي اضطر شركته للإستغناء عن خدماته بسبب الغياب المتكرر عن العمل ومن دون عذر واضح، ويقول أيوب ” مش معقول اروح احكي للشركة اني مطلوب للأمن الوقائي، بيروحوني من الشغل بنفس الدقيقة ” يقول أيوب أنه كون علاقات جيدة من خلال الحراك والعمل السياسي أدت به للإنتساب الى احد الاحزاب الاردنية بعد أن اقتنع ببرنامجهم وطريقة عملهم، وهو الآن يفكر جدياً من الإنسحاب من صفوف الحزب من أجل ان لا يتعرض لأي احراج في عمله الجديد الذي رفض الإفصاح عن اسمه لذلك السبب.
ويقول الدكتور موسى البرايزة المفوض العام للمركز الوطني لحقوق الإنسان في الاردن، ان المشاركة العامة سواء للشباب أو لغير الشباب هو حق أساسي من حقوق الإنسان يضمنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهذه المشاركة لها أوجه كثيرة مكفولة في الدستور الأردني. لكن الحكومة أو المؤسسات الأمنية تتناسى هذه الكفالة وتذهب بعيداً في تحديد نوع الجرم وصياغة التهم ولوائح الإداعاء، بحيث أن الشخص يذم أو يقدح من دون دليل، ويتم اسناد تهم مثل تقويض نظام الحكم أو معارضته، وهذه التهم بشكل عام لا نجد لها تبرير وجميع الممارسات المشابهة التي حصلت منذ عام 2011.
ويصف بريزات، انهم كمركز وطني لحقوق الانسان لم يجدوا في الحراك وشباب الحراك ما هو مخالف، غالباً مطالبهم تتعلق بمحاربة الفساد والإصلاح السياسي والقضاء على المحسوبية، ومن الممكن ان تتعرض بعض نشاطاتهم لانتهاكات حرية التعبير أو تجاوز القيود التي يحاسب القانون عليها وهي، الأمن، الكرامة والحق الشخصي، الأخلاق، والنظام العام.
ولكن تلك الانتهاكات لا تبرر أن يحال الشخص الى محكمة أمن الدولة ويتم توقيفه في مرحلة التحقيق وهذا مخالف للقانون والانسانية لأن التوقيف يعتبر عقوبة، والمشكلة تكمن ايضاً أثناء التوقيف، هناك حالات كثيرة يتعرض الشخص المعتقل لبيئة سجنية غير مناسبة، مجمل هذه الممارسات ( وهي ليست منتشرة بشكل واسع ) تنتهك حقوق الإنسان وتثبط شباب كثر من ممارسة الحق في التعبير والإنتساب للأحزاب والمشاركة في العمل السياسي. ويضيف بريزات اننا لا نستطيع تحميل الحكومة كامل المسؤولية عن عزوف الشباب، بسبب الحالة الثابتة عند الشباب من عدم جدوى العمل الحزبي والمشاركة السياسية بسبب جمود وعدم مقدرة الاحزاب على صنع التغيير او حتى التأثير في القرارات، والسبب الذي يعتقده بريزات من عدم مقدرة الاحزاب على التغيير ابرزها الدعم المادي الذي يحصل عليه الحزب من الحكوكة هذا الدعم يكون احياناً مشروطاً بعدم المشاركة في الاحتجاجات البشعبية واشعار الحزب خين مشاركة اعضائه في الاحتجاجات بأنه سيفقد حقه في الدعم المالي
أما عمر الزعبي وهو ناشط في العمل العام والنقابي، انه لم يتعرض لأي ملاحقات أمنية بسبب مشاركاته في الاحتجاجات والمظاهرات بداية من مظاهرات 2011 ونهاية في الإحتجاجات الشعبية نهاية حزيران الماضي، ويضيف الزعبي انه لا يذكر انه حرم يوماً من وظيفة حكومية أو انه تعرض لأي معاملة مختلفة على اساس انه مشارك دائم في العمل العام.
ويقول ان ثقته في الأحزاب معدومة بسبب عدم مواكبتها لتطور الاحداث أو مراعاتها لجذب الشباب الى الأحزاب وطرح برامج جديدة وواقعية تناسب مطالب الشباب
ويقول زيد الخطيب نائب رئيس اتحاد الطلبة في الجامعة الاردنية 2018 – 2019 ان العمل الطلابي في الجامعة هو عمل سياسي غير منظم، لكنه مسموح في جميع اشكاله ان لم يتجاوز حدود العمل الطلابي والخطوط الحمراء، ويعتبر ان مخاوف الشباب من الانخراط في العمل السياسي الطلابي ضمن اطار الجامعة هو أهم ما تواجهه الحالة السياسية الطلابية في الجامعات الأردنية.
تقول النائب ديمة طهبوب عضو مجلس النواب الأردني بأنه عندما يتم اسقاط الدعوات والمطالبات للشباب برفع صوتهم وضغطهم على الحكومة تتغير الصورة على ارض الواقع، فبعض الشباب الذين ينتمون الى الاحزاب الاردنية تتم ملاحقتهم والتضييق عليهم امنياً ومعيشياً، حتى على مستوى شعارات يتم ترديدها في حراك أو مظاهرة يكون كل الشعب الأردني متوحد لها، له رأي بشأنها كما في حالة مؤتمر المنامة، يواجه الشباب مع الأسف للإعتقال والملاحقة الأمنية مع كل حالة الإجماع الشعبي والرسمي حتى، وكما شاهدنا اذ جرى اعتقال 3 شبان من الحراكيين بتهمة الاساءة لدولة شقيقة، بالتالي ما هي الرسالة التي تود الحكومة ارسالها في ظل هذا الأمر وكأنهم يقولون لهم اخرجوا لدعم موقفي كدولة واخرجوا من قوقعة الاهتمامات الذاتية الى النهوض ودعم البلد سياسياً ومن ثم تعتقلهم اعتقالاً غير مبرر خصوصاً لأن هؤلاء الشباب مثلوا نبض الشارع ومثلوا جميع الاردنيين. وتقول طهبوب أنه من أجمل صور احتجاجات 30 ايار رؤيتنا لمشاركة المرأة الأردنية الشابة خصوصاً في الاحتجاجت وتصدرها مشهد الاحتجاجات والتعبير السلمي عن الرأي، هذه المشاركة تتيح للمرأة الأردنية المشاركة في الانتخابات في المجالس المختلفة الأمر الذي سيمكنها من محاولة زيادة التمكين لها سواء من خلال فرض القوانين والكوتات المختلفة بالمرحلة التمهيدية فقط ومن ثم الوصول الى صناعة القرار من خلال انتخابات مباشرة في المراحل المتقدمة.
وتقول طهبوب، إن الشباب أثبتوا ان لهم دور مهم جداً وخصوصاً في اعتصامات الدوار الرابع العام الماضي التي جائت على خلفية فرض قانون ضريبة الدخل وتردي الاوضاع الاقتصادية، والذي ميز اعتصامات الرابع على انه حراك شبابي وحتى انه كان يقال انه لا أب سياسي لهذا الحراك بل هم مجموعة من الشباب دفعهم وعيهم وانتمائهم الوطني للتعبير عن رأيهم ورفضهم قرارات الحكومة التي تمسهم وتمس جميع فئات المجتمع والصورة الجميلة التي تعامل بها الشباب مع الاجهزة الامنية عكست مدى وعي وثقافة الشباب الاردني وبالطبع ما جعل حالة الرابع حالة مثالية ايضاً تعامل الاجهزة الامنية في بداية الامر بتعقل وحذر، لكن الحالة المثالية تلك ليست دائمة فبعد تمكن الشباب من اجبار حكومة الملقي على تقديم استقالتها وتكليف عمر الرزاز بتشكيل حكومة جديدة اتخذت الحكومة ولو بشكل غير ممنهج سياسة الاعتقالات الامنية والجائرة على حساب الشباب الحراكي والحزبي.
ولا تزال مشاركة الشباب في الحياة السياسية بشكل عام والحزبية بشكل خاص مطلباً ملكياً وحكومياً وشعبياً، إلا أنها تصطدم بحالة واقعية مختلفة، من توقيفات أمنية مبررة وغير مبررة، إلى ضغوطات على بعض الشباب الحزبي في الجامعات أو الوظائف، وبالتأكيد انعدام الثقة بين الشباب والأحزاب، هو ما جعل المشاركة الشبابية في الحياة السياسية مشاركة مستقلة أي ليست تحت مظلة الأحزاب وهو ما يعرقل عملية الإصلاح السياسي، فمشاركة الشباب في العمل الحزبي والسياسي هو أساس تسريع عجلة الاصلاح السياسي وتمكيننا من الوصول الى نضج برلماني وحكومات برلمانية ومشاركة الشعب في صنع القرار.