مرح نوري
بدأت رحلة منى الشياب (32 عاماً) مع الاقتراض منذ العام 2014، لتفعيل مشروع خياطة كانت تقوم عليه في منطقتها القائمة في محافظة اربد، ومع وفاة اختها عام 2016 تحمّلت مسؤولية أبناءها، فلجأت للاقتراض مرة أخرى بعد مراتها السابقة، إذ لم تعد قادرة على تسديدها إلى جانب القروض السابقة.
حاولت الشياب اللجوء إلى شركات أخرى لتسديد قروضها إلا أنها واجهت صعوبة في ذلك، حتى أصبحت عاجزة عن تسديد القروض التي حصلت عليها. وصدر حكمٌ بالسجن عليها، لتقضي شهرين بعيدة عن أطفالها وأبناء أختها.
وتقول الشياب إنها فقدت الأمل في الافراج عنها لعدم وجود من يسدد عنها المبالغ المطلوبة عليها، وتوقعت أنها ستمضي سنين طويلة بين جدران السجن. وتضيف أنها خرجت من السجن ضمن حملة التبرعات التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني بمناسبة عيد الأم من العام الجاري.
وتشير الشياب أن بعد رحلة طويلة مع القروض تغيَّرت حياتها، وأن من يقترض للمرة الأولى يحاصره الطمع بالاقتراض مرات ومرات، مؤكدة أن شركات التمويل الصغيرة تغري المقترضين ما يدفعهم للتورط أكثر في فخ القروض.
لم تتغير حياة الشياب وحدها فهناك العديد من السيدات اللواتي تأثرن نتيجة قروضٍ أخذوها دون دراية بنتائجها، فهناء الكناكري أصبحت تخرج من منزلها دون هويتها حتى تتجنب أي صدام مع اي شرطي يقوم بتوقيفها.
الكناكري هي إحدى الغارمات التي بدأت قصتها مع شركات التمويل عام 2010، إذ قامت بطلب قرض بقيمة 2000 دينار من الشركة الوطنية بحجة فتح محل خلويات، إلا أن هدفها الرئيسي كان علاج ابنها المقعد الذي يعاني من ضمور في العضلات، وبعد أيام اتصلوا بها ليخبروها أن الشيك جاهز.
وأثناء خروج الكناكري لأخذ الشك تعرض ابنها الآخر لحادث دهس نقل على إثره إلى المستشفى، مما اضطرها إلى عمل توكيل لأخت زوجها، حتى تتمكن من أخذ الشيك وصرفه.
“نسيت موضوع الشيك وكان عقلي مشغول بابني” تقول الكناكري، وتضيف أنه بعد خروج ابنها من المستشفى تبين لها أن أخت زوجها حصلت على المبلغ وصرفته، وادعت بأنها ستقوم بتسديد المبلغ للشركة.
وخلال فترة تسديد القرض بين عامي 2010 و2014 لم يكن هناك أي اتصال بين كناكرية وشركة التمويل، إلا أنه في عام 2014 ذهبت مع ابنتها لتكفلها بقرض لشراء سيارة، تم رفض الطلب ابنتها والسبب “الوالدة مطلوبة للتنفيذ القضائي”.
وتضيف أنها تواصلت مع قريبتها فور علمها بالقصة، والتي أخبرتها بدورها أنها ستقوم بحل القضية، تواصل الكناكري “وفعلاً بعد أيام تحققت من خلال موقع إدارة التنفيذ القضائي ولم أجد اسمي بين المطلوبين، فاعتقدت أنها سددت المبلغ، لكنني تفاجأت عام 2016 بوصول مذكرة تبليغ إلى منزلي بتغريمي مبلغ مالي، ليتبين لي أنها قامت فقط باسئناف القضية آنذاك”.
وسعت عائلتها لحل القضية بمختلف السُبل إلا أن شركة التمويل رفضت طلب أبناءها بدفع مبلغ مالي وتقسيط المتبقي لإنهاء الإشكال، وهو الأمر المخالف للعرف المعمول به في مثل هذه القضايا، إذ يقول مدير شركة إثمار للتمويل الأصغر زياد الرفاعي إن إعادة جدولة المبالغ المقترضة أمر معمول به ويتم عن طريق المحكمة أو طريق الشركة المقرضة، ولا مبرر لرفض مثل هذه القضايا.
وترتبط مشكلة الغارمات بشكل أساسي بآليات عمل شركات التمويل الصغيرة، التي تقوم بإقراض الأشخاص بضمانات بسيطة، وعدم التأكد من تطبيق المشاريع، مما جعل الحالات الناتجة عن الاقتراض تتزايد في السنوات القليلة الماضية، وعلى وجه الخصوص خلال العامين الماضيين، إذ وصل عدد المقترضين من هذه الشركات لعام 2018 نحو 465 ألف بحسب التقرير السنوي لشبكة تنمية.
عمان الأقل ومأدبا الأكثر بنسبة الاقتراض
سجلت محافظة مأدبا أكبر نسبة عدد مقترضين من شركات التمويل الأصغر حسب بيانات لشبكة تنمية عن العام 2018 بنسبة وصلت لـ 11.2%، إلا أن نسبة عدد المتعثرين فيها لا يتجاوز 3%.
ويعود هذا الارتفاع لاسباب مختلفة منها اقتصادية واجتماعية إذ قال المحلل الاقتصادي مفلح عقل إن محافظة مادبا سجلت أعلى نسبة بطالة في المملكة بنسبة بلغت 24.9%، كما أن نسبة الفقر فيها تصل إلى 15.1% وهي نسبة مرتفعة.
ويبين عقل أن سكان المحافظة يلجأون لمثل هذه الشركات إما لفتح مشروعٍ حقيقي وتغلب على البطالة، أو لتدبر الامور الحياتية، مبيناً أيضاً أن نسبة المتعلمين مرتفعة في المحافظة، وهذا يجعلهم على وعي كامل يالأمور التي تترتب عليهم في حال عدم السداد.
وعزا مدير فرع شركة تمويلكم في محافظة مأدبا علاء التعمري السبب في أن الوضع في المحافظة من ناحية انخفاض مستوى الأجور فيها يدفع الناس للبحث على مشروع آخر سعيا لتحسين الوضع الاقتصادي، وهو ما يدفعهم إلى الاقتراض خاصةً أنهم يملكون المؤهلات للتوسع في مجمل القطاعات الاقتصادية سواء كان على مستوى القطاع السياحي أو الزراعي أو الصناعي. وبالنسبة للنساء فإن المجال أمامهن أوسع في فتح مشاريع لدعم القطاع السياحي كالمطاعم أو محلات التطريز والأعمال اليدوية.
الأمور الذي أوضحها التعمري انطبقت على السيدة سميرة هلسة التي تعمل في شركة خاصة، ولتحسين أمورها المادية وتدبر أمورها لجأت منذ العام 2017 للاقتراض من شركات التمويل الأصغر لتسديد التزاماتها الحياتية، وهو أمراً بات معتادا في العائلة التي تقترض نساؤها بشكل مستمر لذات السبب.
وأكدت هلسة أن موضوع الاقتراض بالنسبة لها سهل بسبب التسهيلات الجديدة في آليات السداد المقدمة من شركات التمويل في الفترة الأخيرة، خاصة أنها ملتزمة في مواعيد السداد، رغم تأخرها في مرات عدة وترتب غرامات عن كل يوم تأخير في السداد.
أما حول انخفاض نسبة الاقتراض من شركات التمويل الصغيرة في العاصمة والتي بلغت نسبتها 3.35% يعلق عقل بأن السبب يعود لامتلاك سكان العاصمة للضمانات التي تطلبها البنوك، ما يجعل نسبة الاقتراض ترتفع عند البنوك وتنخفض بالنسبة لشركات التمويل الصغيرة.
الحكومة تبيع المال لشركات التمويل الصغيرة
يقول الباحث في مجال التنمية والفقر أحمد أبو خليل إن شركات التمويل الأصغر قامت بعمل سوق بحد ذاته نتيجة الأرباح الكبيرة التي تحصل عليها من الفوائد، إذ تقوم ببعض البنوك بإنشاء شركات تمويل موازية لاسمهم بهدف الربح، مضيفاً ” البنوك صنعتها تبيع فلوس لكن ضمن سياق عام وبضمانات، لكن هذه الشركات الهدف منها المراباة”.
وأكد أبو خليل أن هذه الشركات تقوم بتحصيل أموالها من مصادر رسمية بفوائد قليلة، فجزء من المنح التي تأتي للدولة يخصص منها جزء لشركات التمويل الصغيرة بفائدة %2 أو 3%، وتقوم الشركات بإقراض هذه الاموال بفائدة تصل إلى 28% بحجة أن الضمانات غير كافية.
وبحسب بيانات شبكة تنمية فإن مديونية الأفراد لشركات التمويل الأصغر بلغت ما يقارب الربع مليون دينار في عام 2018.
وقال وزير المالية الأسبق محمد أبو حمور إن ارتفاع سعر الفائدة لدى شركات التمويل الأصغر بأن هذه الشركات لا تملك ودائع مالية في خزائنها كما البنوك وهذا يدفعها لأن تقترض من البنك المركزي والمؤسسات الدولية وبالتالي ترتفع نسبة الفائدة على المقترضين.
إلا أن أبو حمور دعى إلى توحيد نسبة الفائدة بين الشركات من خلال دراسة تحدد سعر الفائدة بصورة عادلة ودون مبالغة بإرتفاعها، بحيث لا يترتب مشاكل على المقترضين بهذا الكم، وبذات الوقت تضمن الشركات الربح المراد.
وأكدت المديرة التنفيذية لدائرة الرقابة على شركات التمويل الأصغر في البنك المركزي مها العبدالله على صعوبة توحيد نسبة الفائدة بين الشركات بسبب إختلاف أنواع القروض وسنوات الإقتراض وقيمة القرض فمنها قروض زراعية تختلف بالمعاملة عن القروض الشخصية.
شركات التمويل الأصغر
رفض مدير شبكة تنمية سليم النمري ربط اسم الغارمات بشركات التمويل الأصغر معتبرا أن الاسم التصق بهذه الشركات كونها الأكثر نشاطا في السوق المالي الأردني من خلال العمل على تهيئة البيئة المناسبة للإقراض، بينما ألقى النمري اللوم في قضية الغارمات على المؤسسات والشركات العاملة في الظل وغير المعروفة في المجتمع، وهو الأمر الذي أدى إلى إلصاق قضية الغارمات بشركات التمويل الأصغر.
كما أكد أن عمل المؤسسات المندرجة تحت إطار شبكة تنمية هي مؤسسات رسمية مرخصة من قبل البنك المركزي بشكل رسمي بعد الالتزام بالمعايير والضوابط التي يفرضها البنك عليهم، معتبرا أن الخلل يكمن في شركات التمويل غير المرخصة من البنك.
فيما نفت العبدالله وجود اي شركة تمويل اصغر تقدمت لطلب ترخيص من البنك المركزي، موكدةً على وجود 47 شركة تمويل في الاردن، بينما عدد شركات التمويل الأصغر لا يتجاوز 9 شركات جميعها مرخصة من قِبل البنك، وإذ كان هناك وجود لغيرها يعني أنها غير مرخصة.
ووضحت العبدالله أن هناك عدد من المحلات الصغيرة التي تقوم بيبيع منتجاتها بالتقسيط، والتي يتم فيها توقيع المشتري على كمبيالات وفي حال عدم سداد يتم ملاحقته قضائياً.
وبين النمري أن اللجوء للقضاء ضد الشخص المتعثر يتم بعد استنفاذ الطرق القانونية ومحاولة إعادة جدولة الديون وأن هذه العملية تأخذ ما يقارب سبعة أشهر.
النساء هن الحلقة الأضعف
تعتمد شركات التمويل الأصغر على النساء بشكل أساسي، وبحسب التمثيل البياني الصادر عن شبكة ” تنمية ” فإن نسبة النساء المقترضات مرتفعة خلال السنوات الثلاثة الماضية.
يوعز أبو خليل ارتفاع عدد المقترضات إلى سوء الأوضاع الاقتصادية، وسهولة الاقتراض نظرا لشركات التمويل الصغيرة قامت بتسهيل المهمة امام السيدات لتقترضن مبلغا بغض النظر عن حجمه.
وبين أبو خليل أن هذه الشركات تعتمد على السيدات بشكل كبير وليس الرجال، كما تشترط إن كان المدين رجلاً أن توقع زوجته أو أمه على إيصال لضمان السداد “لأن السيدة نقطة ضعف”، مشيراً إلى أن المشكلة ليست بسجنها فقط وإنما بتهديد استقرار الأسرة بأكملها، وتشرد الأطفال.
ويعزو أبو خليل قيام الشركات بإغراء السيدات، حتى في بعض الأحيان هي من تطرق أبوابهن، إلى أنهن أكثر التزاماً من الرجال، ” فهدف الشركات هو الربح وليس دعم المرأة بشكل اساسي”.
وبين مدير شركة إثمار للتمويل الأصغر الإسلامي زياد الرفاعي أن هدف هذه الشركات هو تمكين المرأة، بهدف إقامة مشاريع ” مدرَّة للدخل ” خاصة في المحافظات حيث تقل فيها نسبة عمالة المرأة التي لا تتعدى (14%) في الأردن ككل، ” فلا نهدف أبداً لوضع النساء في السجون “.
ويقول الرفاعي أن عدم جدية المقترضة بإقامة مشروعها الخاص هو ما يودي بها إلى عدم الالتزام بسد القرض، كما أن شركاتنا لا تستطيع متابعة العميل إن أقام مشروعاً أم لا كأحد تعليمات البنك المركزي.
فيما نفت العبدالله اشتراط البنك المركزي متابعة الشركة للعميل ومشروعه، وإنما الهدف من التعليمات والتوجيهات التي يصدرها البنك هو حماية المستهلك والتعامل معه بكل احترام.
وتبين البيانات الصادرة عن وزارة العدل ارتفاعاً تدريجياً في أعداد المطلوبات للتنفيذ القضائي، إذ أن العدد الكلي للمطلوبات خلال الأعوام (2014 – 2018) وصل إلى 44266 مطلوبة في قضايا منتهية أو غير منتهية، فيما بلغ عدد المطلوبات قيد التنفيذ حالياً (قضايا غير منتهية) وصل إلى 30245 خلال الأعوام نفسها.
تهديد الغارمات لإجبارهن على السداد
“والله بجبلك الشرطة على البيت وبخلي الحارة كلها تتفرج عليكي”، هكذا يتم تهديد سميحة الدعجة وهي إحدى المقترضات من شركة فنيكا لتمويل المشاريع الصغيرة.
تقول الدعجة إن القصة بدأت عام 2014 عندما طلب منها والدها أن تقترض له مبلغا من المال مع قريبة للعائلة، فقامت باقتراض مبلغ ألف دينار مناصفةً مع قريبتها حيث كفلتا بعضهما البعض مع غرامة فائدة 20% ليصبح القرض 1200 ديناراً.
وتشير الدعجة إلى أن والدها تعثر عن سداد القرض، ” تلقيت إتصالاُ من أم أحمد وهي السيدة التي كانت مسؤولة عنّا في القرض وكانت في حالة عصبية لا توصف إذ قامت بشتمي وتهديدي لسداد القسط فطلبت منها مهلة فاعطتني مهلة أسبوعين. ومن ثم عاودت الاتصال بي لكن هذه المرة بنبرة أكثر حدة وقامت بتهديدي بفضحي أمام الجيران مما أجبرني على ترك البيت واستئجار بيت آخر”.
إلا أنه وبعد فترة أوقفت الدعجة من قبل دورية شرطة وأبلغتها بأنها مطلوبة لتنفيذٍ قضائي، وقضت في المغفر ليلة وحيدة.
وفي اليوم الثاني لحبسها، تبين أن الدعجة مرضعة وتم تقديم استئناف وتوقيف الطلب بحقها لمدة عامين، وبعد انتهاء العامين أنجبت طفلا ثانيا وتجدد الاستئناف، الذي من المفترض أن ينتهي بعد ثلاثة اشهر.
وبيّن مدير عام صندوق الزكاة عبد السميرات أن حملة جلالة الملك لم تشمل الدعجة، إذ شمل القانون فقط الأشخاص المطلوبين للتنفيذ القضائي، خاصة وأنها كانت قد قدمت لاستئناف القضية، كما لم يشمل الفتاة المشتركة معها بالقرض لأنها لا تحمل رقما وطنيا أردنيا.
التهديد طال أم زيد أيضا في ما يتعلق بالقرض، إذ أنها عجزت عن تسديد القرض الصغير الذي أخذ لتسديد فاتورة كهرباء. وتم تهديدها بالتشهير بها في منطقة سكنها.
ما مصير الكفلاء؟
محمد الراعي، من سكان منطقة الرصيفة ويبلغ من العمر 63 عاماً، وضع في السجن لثلاثة أشهر بسبب كفل ابنته بأحد القروض.
يقول محمد الراعي أنه كان عائداً من مستشفى الأمير حمزة وأثناء تفتيش الباص أخبره الضابط أن بحقه تنفيذاً قضائيّاً، وعند وصوله إلى مديرية الرصيفة أخبروه أنه كفيلٌ لمقترض لم يسدد دينه.
وتم تحويل الراعي في اليوم التالي إلى المحكمة، وعند وصوله تفاجأ بأن الحكم عليه قد صدر بالحبس لمدة 90 يوم فدخل السجن بتاريخ 10-3-2019 وخرج منه يوم 29-5-2019
“الناس ما بترحم”، بهذه الكلمات وصف الراعي حياته بعد خروجه من السجن، إذ كان يعمل على بسطة خضار، ويأخذ خمسة دنانير في اليوم، لكن بعد خروجه من السجن سمع أقسى الكلام من الناس:
“ابصر شو عامل، عيب عليك رجال بعمرك يدخل السجن”. وعن وضعه بعد الخروج من السجن يقول “الآن انا في البيت وما حدا يقبل تشغيلي”.
ويقول الراعي إنه عند وصوله لسجن السواقة وُضِع في جناحٍ وتبين له أن مثله العديد من الحالات، ” من كفل زوجته ومن كفل أخته وبنته”.
تم حل مشكلة الراعي بالسجن إلا أنها تأثيرها عليه أبقته بلا عمل، وفي ذات السياق يتحدث علي الرحامنة كفيل هناء الكناكري أنه لم يكن يعرفها، إلا أن قريب مشترك طلب منه أن يكفل قريبته، “قلي داخل على الله وعليك تكفل هالحرمة بدها تعالج ابنها، وعلى طول وافقت ما توقعت يكون مصيري خيراً تعمل شراً تلقى”.
يقول الرحامنة أنه ذهب لإخرج وثيقة حول منزله، إلا أن الموظف أخبره أن المنزل محجوزٌ عليه، وعلم وقتها مباشرة أن المشكلة مرتبطة بمن كفلها خاصة أنه لم يكفل غيرها في حياته.
يضيف الرحامنة أنه منذ ثلاث سنوات وهو يتصل بالكناكري كل يوم مطالباً إياها بتسديد المبلغ، إلا أنها لم تفعل ذلك حتى اليوم، والحجز على البيت يمنعه من التصرف بالبيت بيعاً أو تأجيراً.
مبادرات دون حلول جذرية
معاناة الغارمات وصل صداها إلى جلالة الملك عبدالله الثاني الذي قام في يوم عيد الأم من العام الحالي بإطلاق مبادرة ” أردن النخوة ” كمبادرة وطنية لمساعدتهن، تبرع من خلالها عدد كبير من الشركات ووصل مبلغ التبرع إلى أكثر من ثلاثة ملايين و600 ألف دينار، إلا أن المبلغ لم يسدد سوى عن نحو 5700 إمرأة غارمة وست نزيلات، بحسب صندوق الزكاة.
كما لاقت القضية دعماً كبيراً من عدد من النواب من ضمنهم النائب ديمة طهبوب التي طالبت بوضع قانون يعمل على تقنين عمل هذه الشركات.
تقول طهبوب إن ظاهرة الغارمات ناجمة عن مجموعة من الأسباب الاقتصادية والاجتماعية مثل الفقر والحاجة، وعدم وجود نصوص قانونية تقف بوجه شركات التمويل والأشخاص الذين يوقعون النساء ضحية للأموال المقترضة.
وبينت طهبوب أن الاوضاع المالية السيئة التي يعاني منها الشعب الأردني عموما قادته إلى الاستعانة بمثل هذه الشركات لحل مشاكل مالية بسيطة كسدّ دينٍ أو دفعِ فاتورةِ كهرباء، خاصةً أن هذه الشركات تقرض مبالغ بسيطة بضمانات “شبه معدومة”.
وتؤكد طهبوب أن شركات التمويل الصغيرة تقرض السيدات وهي على معرفة مسبقة بأن احتمالات تعثرهن مرتفعة، على أساس أن المدين سيتدبر أمره بأي طريقة خشية السجن، مع التركيز على أن يكون الدائن أو ضامنه من النساء، لتكون ورقة ضغط أثناء السداد تخضع للأحكام الجنائية، بما يعد ” تمييزاً ” ضد المرأة، وطمعاً بالفائدة القانونية، دون وجود أي قانون يحمي هؤلاء النساء.
وتحمّل طهبوب الذنب للحكومة التي حسب وصفها لم تراقب عمل هذه الشركات منذ البداية، فأوقعت هؤلاء النساء في مصيدة الاقتراض.
وتضيف أن الحكومة تعمل على حل المشكلة بشكلٍ سطحيّ، وعليها أن تأخذ القضية على محمل الجد وتقوم بحلها بشكل جذري وليس بإطلاق حملات تكلف الملايين، إذ يجب الاستفادة منها بمجالات أخرى كالتعليم أو الصحة أو حتى فتح مشاريع للنساء بدلاً من حل المشكلة والوقوع بذات الحفرة بعد فترة بسيطة.
وهذا ما أكده أبو حمور، مشيراً إلى أن الحملات كانت جيدة، إذ يجب على المقترض أيضاً أن يتحمل المسؤولية، وليست الدولة وحدها، وأن تكون المبادرات من قبل الشركات المقرضة نفسها للتخفيف على النساء الغارمات، مؤكداً أن في جميع دول العالم لا يتم السجن بقضايا مالية، وإنما يقتصر ذلك على حجز أموال أو ممتلكات.
بالرغم من كل الجهود التي بذلت على مستوى المملكة لحل قضية الغارمات إلا أن المشكلة ما زالت قائمة، تنتظر معالجة قانونية أو تشريعية من جذورها لتحديد آلية عمل الشركات التمويلية وحماية المزيد من الأفراد والنساء تحديدا من الوقوع في فخ التنفيذ القضائي وإلصاق مصطلح الغارمات فيهن. وإيقاف عداد الغارمات من الزيادة مجددا والعمل على إنهاء هذا الملف.