إعداد : عامر الصماد ي- سهل العتوم – إبراهيم الرشدان
شهدت الساحة التربوية تطوراً كمياً ونوعياً متسارعاً في مجال التعليم العالي، حيث تزايدت أعداد مؤسسات التعليم العالي، وتنوعت البرامج والتخصصات المطروحة فيها، وتطورت تقنياتها وأنماطها التعليمية، ويعتبر التعليم العالي من أهم مراحل التعليم التي تعمل على إعداد الكوادر العلمية المدربة والمؤهلة لقيادة مؤسسات المجتمع، وركيزة أساسية لتنمية مجتمعية إنتاجية، وهو ادخار في العنصر البشري الذي يعد أهم ما يملك أي مجتمع يبغي النهوض والوصول إلى أفضل أهدافه وغاياته .وهذا ما جعل مختلف المجتمعات، المتقدم منها والنامي على السواء، أن تجعل التعليم الجامعي في أعلى سلم أولوياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق في درجة ذلك الاهتمام بين المجتمعات المتقدمة والنامية.
وقد بات التعليم العالي رمزاً بارزاً لأي أمة من الأمم، الأمر الذي جعل تلك الأمم تسعى لتقديم أعلى قدر من جودة الخدمات التعليمية، وتحرص على ذلك، بهدف ضمان مخرجات مؤهلة لقيادة التنمية المجتمعية المستدامة من خلال العلاقة الوثيقة بين التعليم العالي والتنمية، وبالتالي حظي التعليم العالي باهتمام بالغ من قِبل جميع الدول والمجتمعات، لما له من أثر على تطورها وتقدمها العلمي، وتخريج كوادر بشرية تسهم في التنمية الوطنية.
ويبين الجدول رقم (1) عدد مؤسسات التعليم العالي (الجامعات الرسمية والخاصة) في الأردن والطلاب الملتحقين بها في مستوى البكالوريس والدراسات العليا (ماجستير-دكتواره) ومعدل التأطير (مدرس/ طالب) خلال الأعوام من (2014-2018).
وتشير البيانات في الجدول (1) إلى أن مجموع الطلاب الملتحقين في الجامعات الرسمية والخاصة في عام 2018 بلغت (261000) طالباً وطالبةى لمستوى البكالوريوس، و (21500) طالباً وطالبة في مستوى الدراسات العليا، كما أن نسبة التأطير والتي تقيس عدد نسبة عدد أعضاء هيئة التدريس في سنة أكاديمية معينة إلى عدد الطلاب المقيدين في نفس السنة. أي عدد الطلاب المقيدين لكل عضو هيئة تدريس، حيث بلغت هذه النسبة عام 2018 (1/42) أي عضو هيئة تدريس لكل 42 طالباً.
جدول (1): مؤسسات التعليم العالي (الجامعات الرسمية والخاصة)والطلاب الملتحقين بها خلال الأعوام (2014-2018)
شكل (1): الملتحقين في مؤسسات التعليم العالي (الجامعات الرسمية والخاصة) خلال الأعوام (2014-2018)
كما يشير الجدول (2) إلى أن نسبة الالتحاق الإجمالية في المملكة لعام 2018 بلغت (38%)، وتقيس هذه النسبة مجموع عدد المقيدي بمستوى تعليمي معين، بغض النظر عن السن، معبرا عنه كنسبة مئوية من السكان في السن الرسمية للالتحاق بنفس المستوى التعليمي في عام دراسي معين، يقيس هذا المؤشر مدى انتشار التعليم العالي بين السكان في سن الالتحاق بالتعليم العالي (19 – 23 سنة)، كما أنه يعكس الطاقة الاستيعابية للجامعات، وقدرتها على تلبية الطلب السكاني في التعليم العالي، ووفقاً لبيانات المملكة فقد بلغت نسبة الالتحاق (38%) من السكان في الفئة العمرية المناظرة للالتحاق بالتعليم العالي.
ويوضح الجدول (2) نسب الالتحاق الإجمالية للمملكة وللدول العربية إضافة للمتوسط العالمي لهذه النسبة، حيث نلاحظ أن نسبة الالتحاق في المملكة كانت أعلى من المتوسط العربي والمتوسط العالمي، وأن المملكة حلت في المرتبة الثالثة عربيًّا بعد لبنان وفلسطين، وفق بيانات تقرير ال GED سنة 2018م، وقد تم ترتيب الدول ترتيباً تنازليًّا حسب قيمة نسبة الالتحاق الإجمالية للذكور والإناث.
جدول (2): نسبة الالتحاق الإجمالية في الأردن لعام (2017)مقارنة ببعض الدول العربية
وقد اقتصرت البيانات في الجدول (2) على الدول العربية التي توفرت بياناتها في تقرير 2018 GED م. ويلاحظ أن لبنان حلت في المرتبة الأولى عربيًّا، حيث بلغت النسبة فيها 54 ٪، تلتها فلسطين ومن ثم الأردن، والمتتبع لبيانات المملكة يلحظ بأن نسبة الالتحاق الإجمالية للذكور في المملكة كانت أدنى من النسبة لدى الإناث، نتيجة لعدة عوامل أبرزها جهود الدولة المبذولة في تشجيع الفتيات على الالتحاق بالتعليم العالي، وتسهيل وصولهن إليه من خلال إنشاء الجامعات الجديدة وتوسعة القائم منها، كما أسهم التنوع في البرامج والتخصصات بتشجيع الإناث على التوجه نحو التعليم العالي، والوعي المجتمعي بأهمية التعليم وعلى المستويات كافة، وغيرها من العوامل التي يصعب حصرها. وتبعاً لارتفاع نسبة التحاق الإناث بالتعليم العالي مقارنة بالذكور، كانت قيمة دليل تكافؤ الجنس لنسبة الالتحاق في المملكة 1,16 وفي أكثر دول المقارنة كانت القيمة أعلى من (1) وهي القيمة المعيارية التي توضح المساواة في فرص التعليم بين الجنسين، وتبين القيمة دون الواحد – بشكل عام – عن عدم المساواة.
شكل (2): نسبة الالتحاق الإجمالية في الأردن لعام (2017)مقارنة ببعض الدول العربية
الإنفاق على التعليم العالي
يؤكد الدكتور مأمون الشخاترة أستاذ الاقتصاد والإدارة في جامعة البلقاء التطبيقية أن اهتمام الأردنيين بالتعليم بشكل عام، والتعليم العالي بشكل خاص، تزايد منذ السبعينيات من القرن الماضي، وقد تبلور هذا الاهتمام بتزايد الطلب علي التعليم العالي بشكل كبير، مضيفاً أنه وبافتراض أن الانفاق على التعليم، وبخاصة التعليم العالي، هو من النفقات الاستثمارية (استثمار في رأس المال البشري) فان تزايد الطلب هذا يشير الى ارتفاع العائد على التعليم سواء على المستوى الفردي او على المستوى الاجتماعي، ويقاس العائد على التعليم على المستوى الفردي بمعدل ما تضيفه كل سنة دراسية إضافية الى دخل الفرد، ويسمى هذا بمعدل العائد على التعليم، كما يقاس معدل العائد على التعليم على المستوى الاجتماعي بما تضيفه كل سنة تعليمية إضافية في سوق العمل الى الناتج المحلي الاجمالي.
ويوضح الجدول رقم (3) نمو الانفاق على التعليم العالي خلال الأعوام (2014-2018)، حيث يتبين أن مجمل الإنفاق على التعللايم العالي في سنة 2014 بلغ (101988876) وارتفع هذا الانفاق ليصل إلى (123348000) في سنة 2018 ويبنسبة نمو إجمالية وصلت إلى (21%) تقريباً.
جدول (3): الإنفاق على التعليم العالي في الأردن خلال الأعوام (2014-2018).
شكل (3): نمو الإنفاق على التعليم العالي في الأردن خلال الأعوام (2014-2018).
إن زيادة الانفاق على التعليم العالي بشكل عام يشير إلى مدى أهمية التعليم العالي ومدى اهتمام الحكومة بهذا النوع من التعليم، وعند سؤال الدكتور موسى الروابد أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك عن موضوع الإنفاق على التعليم العالي أجاب بأن العديد من الدراسات أوجدت بأن هناك علاقة وثيقة ما بين التعليم العالي والبحث العلمي من جهة وبين الاقتصاد والنواحي الاجتماعية من جهة أخرى، فزيادة الانفاق على التعليم العالي والبحث العلمي يعد استثماراً يؤدي إلى تحسين مستوى الحياة للأفراد، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، فعندما نقول بأن الاقتصاد هو شريان الحياة للمجتمعات الإنسانية المعاصرة، فإن التعليم العالي بمختلف أنماطه هو مادة هذا الشريان، وضمان لاستمرارية الازدهار الاقتصادي.
ولكي يتم التعامل مع الانفاق الحكومي على التعليم العالي كمؤشر من مؤشرات التعليم العالي، لا بد من احتساب نسبة الانفاق الحكومي على التعليم العالي من إجمالي الانفاق العام ، فكلما ارتفاع، وكما هو موضح في الجدول رقم (4)، حيث تشير بيانات هذا الجدول إلى أن نسبة الإنفاق على التعليم العالي من الإنفاق العام بلغت في سنة 2018 (1.51%)بعد أن كانت في عام 2014 (1.3%) تقريباً.
جدول (4): الإنفاق على التعليم العالي في الأردن كنسبة من الإنفاق العام خلال الأعوام (2014-2018).
شكل (4): الإنفاق على التعليم العالي في الأردن كنسبة من الإنفاق العام خلال الأعوام (2014-2018).
وبالرجوع إلى أحد المتخصصين في اقتصاديات التعليم العالي (الدكتور قاسم الحموري/ عميد البحث الاعلمي في جامعة اليرموك) والاستفسار منه عن نسبة الانفاق على التعليم العالي أوضح أن هذه النسبة متدنية مقارنة بالدول الأخرى، حيث أشار إلى أنه وعلى سبيل المثال بلغت نسبة الإنفاق على التعليم العالي كنسبة من الإنفاق العام في المملكة العربية السعودية (8.6%) لعام 2017، وفي لبنان بلغت (4.2%) لعام 2017، وفي الجزائر بلغت (4.1%) وهناك بعض الدول الأوروبية تتجاوز فيها هذه النسبة (12%) مثل فرنسا وألمانيا.
الإنفاق الحكومي على الطالب في مؤسسات التعليم العالي
تأتي أهمية مؤشر معدل الإنفاق الحكومي على الطالب في الجامعات تعبيراً عن المستوى النوعي للخدمة التعليمية المقدمة، فمع بقاء العوامل الأخرى ثابتة، ترتبط زيادته بتوفير خدمة أفضل للطلاب(خدمات أساسية ترتبط مباشرة بالعملية التعليمية وخدمات ثانوية)، وفي زيادة وتطور التجهيزات التعليمية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المناخ التعليمي بشكل عام، ومن ثم تقديم مخرجات تعليمية أفضل، ويبين الجدول رقم (5) أن نصيب الطالب من الإنفاق على التعليم العالي بلغ (357 دينار) في سنة 2014، وارتفعت قيمة هذا النوع من الإنفاق لتصل إلى (437 دينار) عام 2018.
جدول (5): نصيب الطالب من الانفاق على التعليم العالي (دينار/سنة) خلال الأعوام (2014-2018).
وعند مقارنة نصيب الطالب من الانفاق الحكومي على الطالب بدول أخرى، نجد أن مؤشر نصيب الطالب من الانفاق الحكومي في الجامعات الأردنية متواضعاً جداً، حيث يبلغ (627 دولار) تقريباً في عام 2017، ويبلغ نصيب الطالب من الانفاق الحكومي في السعودية على سبيل المثال (12972 دولار) في عام 2017، وهو في لبنان يصل إلى (3250 دولار) في نفس العام، وفي الجزائر يصل إلى (3200 دولار)، وفي بعض الدول الأروروبية كفرنسا وألمانيا يتجاوز (18000 دولار) سنوياً.
شكل (5): نصيب الطالب من الانفاق على التعليم العالي (دينار/سنة) خلال الأعوام (2014-2018).
الإنتاج البحثي في الأردن
تأتي أهمية الإنتاج البحثي في أنها تساهم في حلّ المشاكل من خلال الجمع بين الملاحظات، والمعرفة، والبيانات، ممّا يؤدي إلى ابتكار الحلول وخلق منتجات جديدة، وتتيح للأفراد، والصناعات، والبلدان اختبار هذه المعلومات، عن طريق تحويل النظريات إلى تطبيقات عملية، إضافة إلى اعتبار الأبحاث عملاً فكرياً إبداعياً، تسهم نتائجها في خدمة المجتمع، وتحسين طرق الحياة، والحفاظ عليها حاضراً ومستقبلاً، من خلال الاكتشاف والتجريب.
وتتنوع الأبحاث في مجالاتها، فنجد البحوث الاقتصادية تهدف إلى خلق منتج جديد، أو تكنولوجيا، أو خدمة، بينما البحوث الاجتماعية تسعى لمعرفة أثر العلاقة بين القطاعات المختلفة، والبحوث البيئية تضمن تحسن الإنتاج الغذائي، والبحوث الثقافية تدرس القيم الثقافية، والأساليب الاجتماعية للشعوب، وأخيراً البحوث الصحية والتي تقدم أفضل الأساليب الطبية.
وقد أشار الدكتور الحموري إلى أن البحث العلمي يعد الطريقة التي يتمّ فيها تفحص ما يجري في العالم من حولنا، ممّا يقرب الفهم للعديد من الظواهر الطبيعية، واكتشاف العديد من القضايا، والتي بدورها تعمل على تحسن الانتاجية في كثير من المجالات الصحية والاقتصادية والتعليمية، وفي التكنولجيا وغيرها، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج إيجابية تظهر آثارها في تعزيز الحياة الاقتصادية والاجتماعية والصحية.
ويوضح الجدول رقم (6) حجم الانتاج البحثي في الأردن ومجموعة من الدول العربية، ويلاحظ أن الأردن جاء في المرتبة السادسة عربياً في حجم الانتاج البحثي، على الرغم من تواضع حجم الانتاج البحثي عربياً ومحلياً.
جدول (6):إجمالي الانتاج البحثي في الأردن للأعوام (2009-2018) مقارنة بمجموعة من الدول المختارة
شكل(6):إجمالي الانتاج البحثي في الأردن للأعوام (2009-2018) مقارنة بمجموعة من الدول المختارة
توزيع الانتاج البحثي في بعض الدول العربية المختارة
مقابلة معالي جواد العناني حول الانفاق على التعليم العالي في الأردن
مقابلة الأستاذ الدكتور ياسر البستنجي حول الانتاج البحثي في الأردن